مداخلة في إطار شرح أحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية :
من اعداد القاضي حميدي محمد أمين مكلف بالقسم العقاري
بمحكمة عين الدفلى ، مجلس قضاء الشلف
2008 – 2009
لتحميل الموضوع الاصلي ===>> شروط رفع الدعوى وآجالها وتقديم المستندات. PDF
في إطار شرح أحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد و الذي سيدخل حيز التنفيذ في الأيام القليلة القادمة أي في 24 أفريل 2009 ، و تمهيدا للعمل به ، تم برمجة عدة مداخلات لفائدة أمناء الضبط ، لتعريف بأحكامه و المهام الجديدة التي سيتولاها أمناء الضبط في إطار هذا القانون .
لذا سنتطرق في موضوع مداخلة اليوم إلى شرح شروط رفع الدعوى وأجالها وكذا كيفية تقديم المستندات ، وعليه تم تقسيم الموضوع إلى ثلاثة نقاط أساسية ، بعد مقدمة الموضوع وهي :
ثانيا : آجال رفع الدعوى
ثالثا : كيفية مسك وتقديم الوثائق المستندات
مقدمة
إن حركة الحياة اليومية للمجتمع المتمثلة في نشاط أفراد و مؤسساته بما تنطوي عليه من توخي المصالح ودفع المضار، تقضي بتأكيد إلى تشابك و تعارض في الحقوق ، و يتناسب ذلك طرديا مع ارتقاء المجتمع سلم الحضارة، لذا فيجب إخضاع هذا النشاط لقواعد اجتماعية ملزمة تحكمه ، وهي قواعد القانون .
وضع المشرع قواعد قانونية موضوعية و قواعد قانونية إجرائية و هي التي تبين كيفية و الطريقة الواجب إتباعها من كل متضرر لكي يحصل على حقه ، فقانون الإجراءات المدنية و الإدارية هو مجموعة القواعد التي تبين و تحدد إجراءات التقاضي أمام الجهات القضائية المدنية و الإدارية و التي تكون مكفولة بجزاء يضمن لها الاحترام، فقواعد الإجراءات المدنية و الإدارية تتميز بما يلي :
1- أن إجراءات التقاضي متنوعة و يقوم بها عدة أشخاص(قضاة مساعدي القضاء ، الخصوم ، المحامين …الخ) .
2- أن هذه الإجراءات متصلة يبعضها بحيث تترتب كل منها على الأخرى، فهي مكملة لبعضها متكاملة معها ، تبدأ من تاريخ إيداع العريضة الافتتاحية إلى حين اكتساب الحكم الصادر فيها الحجية و يصبح بات.
3- أن كل نشاط قانوني في نطاقه يلزم كقاعدة عامة أن تتم ليس تبعا للوسيلة التي يختارها من يقوم بها ، بل بمقتضى الوسيلة و الأسلوب الذي يحدده القانون أي قانون الإجراءات المدنية أما التصرف في نطاق القانون الموضوعي تحكمه كقاعدة عامة قاعدة الرضائية .
4- على خلاف قواعد الإجراءات الجزائية ، فإن الإجراءات المدنية تحقق حماية للمصلحة الخاصة و ليس العامة .
5- أن قانون الإجراءات الجزائية يحقق المصلحة العامة عن طريق الجزاء المتمثل في العقاب ، في حين أن قانون الإجراءات المدنية يحقق حماية عن طريق إصلاح الضرر .
ولكي يستطيع الشخص بسط الحماية القضائية وضع له المشرع وسيلة قانونية أو أداة فنية التي بمها يستطيع إيصال طلبه نزاعه إلى القضاء وهي “الدعوى القضائية ” ، فقد نص المشرع الجزائري في المادة 03 من القانون رقم 08 / 09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على ما يلي : “ يجوز لكل شخص يدعي حقا، رفع دعوى أمام القضاء للحصول على ذلك الحق أو حمايته “ ، فما هو تعريفها :
تعريف الدعوى :
الدعوى هي الأداة الفنية التي أتاحها القانون للأشخاص لحماية حقوقهم أو مراكزهم القانونية وذلك عند الاعتداء عليها أو التهديد بالاعتداء .
موقف الفقه في تعريف الدعوى :
1- النظرية التقليدية : الدعوى هي الحق الموضوعي في حالة الحركة عند الاعتداء أو عنصرا فيه أي الحماية القانونية و أنها امتياز من امتيازات الحق يمكن الدفاع عنه بواسطتها عند الاعتداء عليه .
نقد : الدعوى ليست الحق الموضوعي أو عنصر فيه فهي تختلف عنه من حيث الأشخاص و الموضوع و السبب ، كما يمكن وجود حق من دون دعوى مثال الالتزام الطبيعي أو دعوى بدون حق كالحيازة أو وجود عدة دعاوى عند الاعتداء .
2- النظرية الحديثة : تجعل الدعوى مستقلة عن الحق الموضوعي :
– أن الدعوى هي الحق في الالتجاء للقضاء (نقد الخلط بين الحق العام حق التقاضي و الحق الخاص وهو الحق في الدعوى) .
– أن الدعوى هي حق الحصول على الحماية القضائية : (حق لشخص على شخص للحصول على حكم يطبق الحماية ) وهو رأي يجعل خلط بين الدعوى والحق الموضوعي فجعل هذا الأخير شرطا لقبول الدعوى فلا يعترف بالدعوى إلا لصاحب الحق .
خلاصة : الدعوى هي الأداة الفنية التي حددها قانون الإجراءات المدنية و الإدارية للشخص متى توافرت شروط لكي ينظر في إدعائه القانوني ، أمام القضاء ، فهي صلاحية الإدعاء للنظر فيه أمام القضاء .
ولكن يجب حتى تكون الدعوى مقبولة السماع أو تكون صالحة للنظر فيها من قبل القضاء أن تستوفي جملة من الشروط التي حددها المشرع ضمن القانون رقم 08/ 09 ، وهي النقطة التي سوف نتناولها فيما يلي :
تنص المادة 13 من قانون رقم 08 / 09 المتضمن الإجراءات المدنية و الإدارية ضمن الكتاب الأول الباب الأول بعنوان في الدعوى ضمن الفصل الأول بعنوان في شروط قبول الدعوى على ما يلي : ” لا يجوز لأي شخص، التقاضي ما لم تكن له صفة ، وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون ” وفي الفقرة الثانية : ” يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة في المدعي أو في المدعى عليه . ” و في الفقرة الثالثة : ” كما يثير تلقائيا انعدام الإذن إذا ما اشترطه القانون ” ، كما نص المشرع في نص المادة 65 على شرط أخر و المتمثل في الأهلية .
إذن نستخلص من هذا النص أن شروط رفع الدعوى هي:
1- أن يتمتع رافع الدعوى و المدعى عليه بالصفة.
2- أن تكون له مصلحة قائمة أو محتملة.
3- أن يكون استوفي شرط الإذن إذا كان مطلوب.
4- شرط الأهلية .
وهي صلة أطراف الدعوى بموضوعها أي نسبة الحق أو المركز المدعى به للشخص نفسه و ليس للغير و هذا يكون في مواجهة الطرف السلبي الموجه له الطلب القضائي وهو صاحب الصفة السلبية و الذي يعتدي عليه أو يهدد بالاعتداء عليه ، لذا : تنص المادة 13 من قانون رقم 08 / 09 “.. ما لم تكن له صفة ..” .
فنص أشار لأي شخص ، و المقصود هو الشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي كشركات و المؤسسات سواء الخاصة أو العامة ، فمصطلح ” شخص “هو أوسع يشملهما.
ويلاحظ أن النص الحالي أكثر دقة من نص المادة 459 قانون الإجراءات المدنية ، لأن المشرع رفع اللبس الذي كان موجود بخصوص من يجب أن يتوفر فيه شرط الصفة ، هل هو المدعي أم المدعى عليه ؟
ففقه الإجراءات المدنية يشير لقاعدة ” ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة ” ، غير أن هذا المبدأ الفقهي لم يكن مجسد في قانون الإجراءات المدنية السابق ( 20 يوم تطبيق) ، غير أن المشرع تدارك هذا الغموض بتنصيص صراحة على أن شرط الصفة يجب أن يكون متوفر في رافع الدعوى موجه الطلب القضائي أي المدعي الذي يصبح يحتل مركز إجرائي ، و يجب أن يتوفر أيضا في شخص المدعى عليه صاحب المركز الإجرائي السلبي ، وتطابقها يجعل هذا الشرط متوفر .
أ- أنواع الصفة في الدعوى :
قد تكون الصفة في الدعوى دفاعا عن مصلحة خاصة أو أن تكون دفاعا عن مصلحة جماعية أو عامة :
أ- 1- الصفة في الدعوى دفاعا عن مصلحة خاصة :
إن الصفة في الدعوى تثبت للأشخاص للدفاع عن مصالحهم الخاصة و ذلك بالمطالبة بالحق أو المركز لأنفسهم و ليس للغير إلا استثناء بنص القانون ، وعلى هذا تنقسم الصفة في الدعوى إلى الصفة العادية و الصفة غير العادية .
أ- 1-2 – الصفة العادية في الدعوى :
الصفة العادية في الدعوى عي الصفة التي تثبت لصاحب الحق أو المركز على فرض صحته ، المعتدى عليه أو المهدد بالاعتداء في مواجهة المعتدي أو المهدد بالاعتداء ، كون أن المدعى عليه مسؤول عن تجهيله بمركز المدعي القانوني ، و يقوم القاضي بفحص توافر هذا الشرط بأن يفترض مبدئيا صحة إدعاء المدعي ، و يبحث هل يعتبر المدعي هو صاحب الحق أو المستفيد منه وأن المدعى عليه الملوم به و المسئول عنه و يتم من خلال معرفة حالة الأطرف من خلال عريضة إفتتاح الدعوى .
مثال تطبيقي
مثال : يرفع (أ) دعوى ضد (ب) كونه قام بالتعدي على أرضه .
صفة (أ) و مركزه القانوني هو = مالك .
صفة المدعى عليه هو = من قام بالتعدي .
التحقق من صفة المدعي (أ) : البحث عن علاقة المدعي بالحق الموضوعي ( الأرض) و تثبت هذه العلاقة بواقعة قانونية سواء مادي ( حيازة ) أو تصرف قانوني ( ملكية بموجب عقد شراء) ، لذا نقول أن المدعي (أ) هو صاحي صفة على أن أثبت للمحكمة أنه يتمتك بمركز المالك كون أن العقد الذي قدمه يفيد أنه يملك عقار ما ( الحق الموضوعي ) لكن مركز المالك لا يثبت فقط بتقديم عقد الملكية ، فلو أن المدعى عليه دفع أن المدعي ليس مالك وأنه تصرف في العقار محل طلب القضائي ، فهنا على المدعي تقديم شهادة عقارية ( كشف المعاملات العقارية) يفيد أنه لا يوجد أية تصرف لاحق عن السند المؤسس عليه الطلب القضائي .
كما قد يثبت المدعي (أ) أنه صاحب صفة بأن يزعم أنه حائز، و الحيازة واقعة مادية على المحكمة التحقق منها ، بالتأكد من توافر أركانها و خلوها من العيوب ، أو أن يقدم المدعي ما يفيد أنه حائز على اعتبار أن المشرع الجزائري تشدد في إثبات الحيازة ضمن القانون رقم 90 / 25 المتضمن التوجيه العقاري ، فهنا على الحائز تقديم ” شهادة الحيازة ” عملا بنص المادة 39 من ذات القانون .
أ- 1-3 – الصفة غير العادية في الدعوى :
أن القانون في بعض الحالات قد يعترف لشخص نظرا لارتباط نفاذ مركزه بالمركز القانوني المدعي كالدائن في الدعوى غير المباشرة متى توافرت شروط معينة و التي حدده المشرع الجزائري ضمن المادة 189 من التقنين المدني ، فالدائن يرفع دعوى باسم مدينة و هنا المدعين هو صاحب الصفة العادية .
لذا فالصفة غير العادية تتميز عن الصفة العادية في أن المدعي لا يطاب بناء عليها بحق لنفسه و إنما يباشرها باسمه هو لما له من صفة في الدعوى ، لكن هذه الصفة غير العادية لا تنزع ممن يدعي أنه صاحب الحق أو المركز صفته العادية في الدعوى .
و يجب التفرقة في هذا السياق بين الصفة غير العادية في الدعوى و الصفة الإجرائية ، أن صاحب الصفة غير العادية يرفع الدعوى باسمه و لحساب الأصيل أما صاحب الصفة الإجرائية ( الممثل الإجرائي أو القانوني أو القضائي أو الإتفاقي) ، فهو يرفع الدعوى ب‘سم و لحساب الأصيل لذا فإن عدم وجود الصفة غير عادية و زوالها أثناء سري الدعوى يؤدي إلى الدفع بعدم القبول في حين أن عدم وجود الصفة الإجرائية أو زوالها أثناء سير الدعوى يؤدي إلى بطلان الإجراءات و هذا ما أشارت له المادة 64 من قانون رقم 08 / 09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ضمن الفقرة الثانية.
ب- 1- الصفة في الدعوى دفاعا عن مصلحة جماعية أو عامة :
قد يعترف القانون استثناءا لتنظيمات أو هيئات معينة أو لأشخاص بالصفة في الدعوىدفاعا عن جماعة معينة أو مصلحة عامة ما :
ب – 1- 1 الصفة في الدعوى دفاعا عن مصلحة جماعية :
يقصد بالمصلحة الجماعية هي تلك التي تكون مشتركة لجماعة أو طائفة معينة تجمعهممهنة أو حرفة واحدة مثل النقابات المحامين الأطباء الخبراء أو تهدف لغاية واحدة مثل جمعيات حماية البيئة و الرفق بالحيوان … الخ .، فنقابات مثلا لها الصفة في الدعوى باعتبارها شخصا معنويا له ذمة مالية مستقلة ، وقد تكون لها الصفة العادية وفقا لموقفها في الدعوى ، كما لو تعاقدت نقابة معينة مع مقاول لبناء أو ترميم مقرها ونج إخلال بالتزاماته ، فهنا النقابة ترفع الدعوى وهي ذات صفة عادية .
غير أنها قد تكون تحوز على الصفة غير العادية إذا كانت طرفا في عقد العمل الجماعي فلها صفة وغير عادية للمطالبة بحق العامل المنضم لها تجاه مثلا رب العمل أو العكس ، وقد نكون لها صفة دفاعا عن مصلحة عامة إذا رفعت دعوى ترمي من خلالها مثلا الدفاع على مصالح مهنية أو حرفة ما ، فلنقابة المحامين الصفة في رفع دعوى ضمن من يقذف مهنة المحاماة دون سند أن يحقر من شأنها
ب- 1- 2 الصفة في الدعوى دفاعا عن مصلحة عامة :
و يقصد بالمصلحة العامة ، تلك التي تهم المجتمع و تمس المصالح العليا للبلاد و القيم و الأخلاق المجتمع ، وهيئة التي لها الصفة في ذلك هي النيابة العامة
ملاحظة هامة : شرط الصفة من النظام العام أي للقاضي أن يثيره تلقائيا سواء انعدم هذا الشرط في المدعي أو المدعى عليه وفقا لنص المادة 13 فقرة 2 من قانون رقم 08 / 09 : ” يثير القاضي تلقائيا إنعام الصفة في المدعي أو في المدعى عليه ” .
بعد التطرق لشرط الأول لقبول الدعوى ، نعرج إلى الشرط الثاني و هو شرط المصلحة:
يعرف الفقه الغالب أن المصلحة هي المنفعة أو الفائدة التي تعود للمدعي من الحكم له بما طلبه ، وهذا لا يعني الحكم لصالحه فقد يحكم لغير صالحه ورغم ذلك فالمصلحة متوفرة لأن مسألة القبول سابقة على الفصل في موضوع الدعوى ، لذا يجب التفرقة بين المصلحة في الدعوى و المصلحة في الحق الموضوعي .
المصلحة في الحق الموضوعي هي ركن في الحق الذي يعرفه بأنه مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون فهي موجودة قبل الاعتداء أو التهديد على الحق ، أما المصلحة في الدعوى فهي شرط لقبول الدعوى أمام القضاء و لا تتحقق هي المصلحة إلا بموجد اعتداء على الحق الموضوعي أو التهديد مركز قانوني للمدعي فيرفع دعوى قضائية ملتمسا بسط الحماية القضائية .
كما قد تتوفر للشخص مصلحة في الحق الموضوعي دون أن تتوفر له المصلحة في الدعوى ، فمثلا يرفع الدائن العادي أو المرتهن المتأخر في المرتبة دعوى قضائية ملتمسا إبطال إجراءات توزيع ثمن العقار على الدائنين المرتهنين السابقين عليه في المرتبة لأنه حتى لو حكم له بطلبه فلن ينال المدعي شيء من قيمة العقار نظرا لاستغراق حقوق الدائنين المرتهنين السابقين في المرتبة لكل ثمن العقار ،
فلا مصلحة للدائن العادي أو المرتهن المتأخر في المرتبة من رفع هذه الدعوى .
ولشرط المصلحة أوصاف وهي :
أ- أوصاف المصلحة :
أشار المشرع الجزائري ضمن المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على أن تكون المصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون .
فمصطلح ” يقرها القانون “ أن تكون المصلحة قانونية أو مشروعة ، أما مصطلح ” قائمة أو محتملة “ بأن تكون عملية قائمة أي حالة أو محتملة الوقوع
أ- 1- يجب أن تكون المصلحة قانونية أو مشروعة :
ومفاد هذا الشرط هو وجود قاعدة قانونية تحمي مصلحة المدعي ، غير أن الرأي الغالب في الفقه يذهب للقول أن قانونية المصلحة يقد بها الإدعاء بحق أو مركز يحميه القانون و أساس الوصف هو أن القضاء يقوم بوظيفة قانونية محددة هي حماية النظام القانوني في الدولة من العوارض الذي تعترضه كجهل به أو التأخير في تنفيذه أو مخالفته و يكون ذلك عن طريق حماية الحقوق و المراكز القانونية فلابد أن يكون كل ما يعرض على القضاء من الحقوق أو المركز محمية قانونا وإلا فلا يوجد ما يبرر نظر الدعوى حرصا على وقت مرفق القضاء الذي يحقق منفعة عامة تتمثل في إشباع رغبات
الأشخاص من الحماية القضائية .
فمصطلح “يقرها القانون “ هو الاعتراف بالحق أو المركز وعدم نكاره من خلال وجود قاعدة قانونية تحمي الحق أو المركز المدعى به وأن يكون هذا الحق مشروع أي لا يخالف النظام العام و هو استلزام منطقي لأنه لا يوجد قاعدة قانونية تحمي مصلحة مخالفة للنظام العام .
وأهم الدعوى التي تنطوي على عدم قانونية المصلحة نجد الدعوى القائمة على مصلحة اقتصادية أو أدبية .
مثال – الدعوى التي يرفعها التاجر على شركة ملتمسا من المحكمة غلقها لأنها تنافسه في تجارته، فمادام أن الشركة تمارس منافسة مشروعة فلا يمكن للتاجر مرافعتها لأن طلبه ينطوي على مصلحة اقتصادية بحتة يرمي من خلالها محاولة رفع هامش الربح المحقق من خلال استقطاب عدد أكبر من الزبائن، بما فيهم زبائن الشركة المنافسة له .
مثال – الدعوى الاستفهامية : وهي الدعوى التي يرفعها شخص على أخر قصد إلزامه بتخير أحد الأمرين في مدة معينة ، فللقاصر الحق بعد بلوغ سن الرشد بثلاث سنوات أن يقرر بطلان التصرف الصادر منه أو إيجازته ، فرفع الدعوى لتحديد هل يمكن التعامل معه أم لا ، تعتبر دعوى قائمة على مصلحة غير قانونية لأن ذلك يسلب المدعى عليه القاصر من حقه في التروي و التفكير من أجل اتخاذ قرار معين ، فمصلحة المدعي غير قانونية .
كما قد تكون المصلحة في لآن واحد غير قانونية و غير مشروعة لمخالفة النظام العام ، مثل المطالبة بدين القمار أو شراء مخدرات ، أو لمخالفة الآداب العامة.
أ- 2- يجب أن تكون المصلحة واقعية و عملية(مادية) :
فهي سبب الدعوى من ناحية الدافع و الباعث أي أن وجود الاعتداء أو التهديد به على حق معين أو مركز قانوني هو الذي دفع لرفع الدعوى من قبل المدعي ، فهنا نحن أمام الحاجة لبسط الحماية القضائية للحق أو المركز القانوني المدعى به .
فالمقصود من مصطلح “قائمة ” هو أن تكون حالة كما يعبر عن ذلك الفقه أي فعلا هناك تعدي على الحق أو المركز القانوني للمدعي وليس مجرد زعم بدون إثبات ، أو كما نصت المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية “محتملة يقرها القانون “ فهنا لا يوجد تعدي بل التهديد بالتعدي على الحق أو المركز القانوني أي العمل على الإستثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع ، وهذا النزع من الدعاوي يطلق عليه ” الدعاوى الوقائية ” .
ب-احتمالية المصلحة :
يرى الفقه الحديث سواء كانت المصلحة قائمة أو محتملة أي سواء وجد الاعتداء الفعلي أو هناك تهديد به فيجب أن تكون المصلحة قائمة وحالة و ليس مجرد احتمال بعيد التحقق بل أن يكون التهديد ظاهر ووشيك و أن الحماية القضائية يجب أن تبسط وقاية للضرر محقق الحدوث مستقبلا .
و من تطبيقات الدعاوى الوقائية نذكر :
1- الدعوى التقريرية : وهي الدعوى التي يكون الغرض منها تقرير وجود أو عدم وجود حق أو مركز قانوني دون إلزام المدعى عليه بأداء معين و دون تغيير الحق أو المركز القانوني مثال : دعوى صحة أو بطلان العقد ، دعوى مضاهاة الخطوط الأصلية و دعوى البطلان ، غير أن ذلك يعتبر استثناء لذا يجب أن يقر القانون هذه المصلحة ، وهذا ما أشار له المشرع بمصطلح ” يقرها القانون” أي يعترف بها و يجيزها ، فهد هذه الدعوى هي إزالة الشك و الغموض.
2- دعوى قطع النزاع : وفيها يقوم شخص برفع دعوى على شخص أخر الذي يثير مزاعم مدعيا حق في ذمة المدعي ، فيقوم المدعي باختصامه لإثبات أمام القضاء وإن فشل و يحكم عليه بالكف عن هذه المزاعم و عدم أحقيته فيها ، فالهدف منها دفع ضرر محدق يتمثل في إزالة الشك حول الحق أو المركز المجهل مادامت مزاعمه جدية .
3- دعوى وقف الأعمال الجديدة : فمادامت الحيازة تمثل مركزا واقعيا تنال حماية قانونية ، وذلك بوقف العمل الذي بدأ فيه لأن من شأنه لو تم لأعتبر تعرضا لحيازة شخص أخر فيرفع هذا الأخير دعوى لوقع الأعمال الجديدة أي منع الاستمرار فيها وفي دعوى وقائية لأنها تقي من ضرر محدق .
4- دعوى الإستعجالية : فهي دعوى ترمي إلى اتخاذ تدابير معجلة أو تحفظية ولا تمس بأصل الحق لأن المطلوب فيها اتخاذ إجراء وقتي ، فهي دعوى وقائية ، ويلاحظ أن المشرع الجزائري في نص المادة 521قانون الإجراءات المدنية والإدارية خرج عن هذه القاعدة بحيث يمكن لرئيس القسم العقاري وحتى في حالة وجود منازعة جدية أن يتخذ عن طريق الاستعجال التدابير التحفظية اللازمة ، وفي اعتقانا لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا إذا كان النزاع مطروح على نفس القسم لتقدير التدبير والفصل فيه .
يجب أن تكون المصلحة المحتملة دائما تلك المصلحة التي أقرها القانون أي يحميها ، كون أن القضاء يفصل في النزعات القائمة أما المحتملة فهي تعتبر الاستثناء للقاعدة وبالتالي تعين وجود نص يشير لهذه الحالات ، فنجد مثلا الإجراءات المدنية يشير أيضا لدعاوى إثبات الحالة أو الإستثاق أو التوثيق ، دعوى سماع الشهادة ، دعوى تحقيق الخطوط أو مضاهاتها …الخ .
أشار المشرع الجزائري في المادة 13 فقرة الأخيرة من قانون الإجراءات المدنية إلى شرط ثالث ، وهو شرط ” الإذن” ، بنصها ” كما يثير (القاضي) تلقائيا انعدام الإذن إذا ما اشترطه القانون “، و بالتالي على رافع الدعوى أن يتحقق قبل رفع دعواه أنه قام بإستفاء هذا الشرط على اعتبار أن للقاضي سلطة إثارته من تلقاء نفسه .
ولقد أقر المشرع هذا الشرط قصد محاولة الفصل في النزاع قبل ذلك بالطرق أخر غير القضاء ، فمثلا على من يريد أن يرفع دعوى قصد إلغاء الترقيم المؤقت ملزوم قبل ذلك بأن يقدم احتجاج أمام المحافظ العقاري وفقا لنص المادة 15 من المرسوم رقم 76 / 63 المعدل برقم 93 / 123 المتضمن تأسيس السجل العقاري ، وعلى هذا الأخير عقد جلسة الصلح مع الخصم قصد الوصول لحل ودي وترقين الترقيم المؤقت ، فإذا لم تنجح محاولة الصلح فإن المحافظ العقاري يحرر محضر عدم الصلح و الذي يعتبر قيد على رفع هذا النوع من الدعاوى لوجود احتمال فضه بطريق الودي .
فكأن هذا الشرط امتداد لشرط السابق المتعلق بالمصلحة، بحيث أن مصلحة الخصم رافع الدعوى تكمن في محاولة حل النزاع بطريق ودي قبل اللجوء للقضاء ، فعدم وجود محضر عدم الصلح ضمن ملف الدعوى ينطوي على وجود فرصة لفض النزاع المطروح على القضاء بطريق ودي .
فهدف هذا الشرط هو التقليل من النزاعات المطروحة على القضاء وهو نفس الشرط الذي اشترطه المشرع في القانون السابق ضمن المادة 459 قانون الإجراءات المدنية .
تنص المادة 65 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على ما يلي : ” يثير القاضي تلقائيا انعدام الأهلية ، كما يجوز له أن يثير تلقائيا انعدام التفويض للممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي “ ، وهي المادة التي فصلت في طبيعة هذا الشرط و الآثار المترتبة عن عدم توفره .
فنلاحظ أن المشرع الجزائري لم يشير للأهلية ضمن المادة 13 تحت الفصل ” شروط قبول الدعوى ” ، بل في القسم الرابع ضمن العنوان ” في الدفع بالبطلان” ، فهذا الشرط لا يخص شروط الدعوى القضائية فقط بل هو شرط عام يتعين أن يتوفر في الشخص الذي يباشر أية عمل قانوني ، لذا لم يضعه المشرع في نفس المادة ، ففقه المرافعات المدنية لا يعتبر شرط الأهلية شرطا لقبول الدعوى وإنما هو شرط لصحة المطالبة القضائية ، فإذا رفع شخص دعوى بدون أن يكون لديه أهلية التقاضي فيترتب بطلان العمل الإجرائي لأن رفع الدعوى يعتبر عملا قانونيا و يتطلب القانون في الشخص القائم به أهلية معينة وهي أهلية التقاضي وهو الرأي الذي ذهب إليه المشرع الجزائري ، وفصل هذا الشرط و حذفه من مادة الخاص بشرط الدعوى ووضعه في المكان المناسب أي المادة 64 – 65 وأشار أن حالات البطلان العقود غير القضائية تكون على سبيل الحصر في حالة انعدام الأهلية للخصوم (مدعي و مدعى عليه).
وعلى هذا تطرقت لهذا الشرط لتوضيحه و تبيان التعديل الذي جاء به قانون الإجراءات المدنية و الإدارية تماشيا مع الفقه الحديثة في الإجراءات المدنية .
الأهلية : هي صلاحية الشخص لاكتساب المركز القانوني ومباشرة إجراءات الخصومة القضائية و هي نوعان :
أ – أهلية الاختصام أو أهلية الوجوب : تعني صلاحية الشخص بأن يتمتع بالحقوق ويتحمل التزامات وهي تقترن بوجود الشخص من الناحية القانونية سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا نسخة و تثبت أهلية الوجوب للشخص الطبيعي بتمام ولادته حيا و تنتهي بوفاته و للشخص المعنوي حسب القانون فشركات التجارية تثبت أهليتها بقيد في السجل التجاري و تنتهي بحلها .
ب – أهلية التقاضي أو الأهلية الإجرائية : فهي مرتبط بأهلية الأداء هي قدرة الشخص على إبرام التصرفات القانونية لأن مناطها العقل أي القدرة على التميز ، فلا يكفي توافر أهلية الوجوب بل يشترط لصحة الإجراءات أن يكون الشخص أهلا للقيام بها وعرفت المادة 40 من التقنين المدني أن أهلية التقاضي محددة ببلوغ الشخص 19 سنة ، فإذا لم يحز الشخص لأهلية الإجرائية فلا يجوز له أن يقوم بالأعمال الإجرائية وإنما يشترط أن يقوم بها شخص يمثله و يسمى بالتمثيل الإجرائي و يقوم به من ينوب ناقص الأهلية .
كما أكد المشرع في ذات المادة على الصفة الإجرائية أو ما يسمى بالتمثيل أو التفويض، وهو التعديل المهم أيضا الذي جاء به قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، لأنه يجوز للمحكمة إثارة عدم توفر هذا الشرط سواء في الشخص الطبيعي أو المعنوي ، ويترتب عن ذلك بطلان الإجراء القانوني مع العلم أنه يمكن تصحيح ذلك وفقا لنص المادة 66 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية .
أشارت المادة 67 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية إلى الدفع بعدم القبول الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم في حالات عديدة منها الأجل السقط و التقادم.
و بالرجوع إلى المادة 322 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فإنها تنص على أن كل الآجال المقررة في هذا القانون من أجل ممارسة حق، أو من أجل حق الطعن ، يترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق أو سقوط ممارسة حق الطعن ، باستثناء القوة القاهرة أو وقوع أحداث من شأنها التأثير على السير العادي لمرفق العدالة .
وعليه فيجب على الخصم أو رافع الدعوى أو الطعن إحترام أجال الطعن حسب طبيعة الإجراء المراد القيام به و في بعض الحالات حسب طبيعة الحق المراد حمايته ، ومن أهم المواعيد المذكورة في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية نذكر :
– المادة 122 : الحكم الرافض لتنفيذ الإنابة أو المبطل للعقود التي تم تحريرها تنفيذا لإنابة ، يمكن إستئتافه من الخصوم و النيابة العامة في مهلة 15 يوم و لا يمدد هذا الأجل بسبب المسافات .
– المادة 215 و التي تنص على إمكانية استئناف الحكم الأمر بإرجاء الفصل في نزاع خلال أجل 20 يوم من تاريخ النطق به .
308 – : تشير أن للمدين أجل 15 يوم من أجل الاعتراض على أمر الأداء .
329 – : و التي أشارت أن المعارضة لا تقبل إلا إذا رفعت في أجل شهر من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم أو القرار الغيابي .
336 – : و التي أشارت أن الطعن باستئناف يتم خلال شهر 01 واحد من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم إلى الشخص ذاته وأن الأجل يمدد لشهرين 02 إذا تم تبليغ في موطنه الحقيقي أو المختار .
354 – : أن الطعن بالنقض يرفع خلال أجل شهرين ( 02 ) من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم المطعون فيه إذا تن شخصيا و يمدد لثلاثة ( 03 ) أشهر إذا كان في موطنه الحقيقي أو المختار .
356 – : توقيف أجل الطعن بالنقض في حالة تقديم طلب المساعدة القضائية .
وعموما أشار المشرع لأجال ضمن المواد 367 – 384 – 393 – 401 – 412 – 434- 456 – 482 – 488 – 504 – 563 – 568 – 950-954-956-964-968 – 1033- 1035 -1057 – 1059 …الخ.
524- فقرة 2: و التي تشير لعدم قبول دعاوى الحيازة بما فيها دعوى استرداد الحيازة إذا لم ترفع خلال سنة من تاريخ التعرض .
504- و التي تشير إلي أنه يجب أن ترفع الدعوى أمام القسم الاجتماعي في أجل لا يتجاوز 6 أشهر من تاريخ تسليم محضر عدم الصلح و ذلك تحت طائلة سقوط الحق في رفع الدعوى .
فعموما هناك أجال متعلق بالإجراء ذاته و هناك أجل متعلق بالحق ذاته .
لقد أوجد المشرع الجزائري فصلا كاملا يبين فيه كيفية تقديم المستندات ، و هو الفصل الرابع بعنوان ” في تقديم المستندات ” من المادة 21 إلى غاية المادة 24 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية .
إن الشخص وعند رفعه لدعوى قضائية يكون في أغلب الأحيان مطالب بإثبات مزاعمه ، و هذا ما أشارت له المادة 15 من ذات القانون بنصها في الفقرة السادسة( 06 ) أنه يتعين على رافع الدعوى وعند الاقتضاء أن يشير إلى المستندات و الوثائق المؤيدة للدعوى ، فهو من يقع عليه عبء إثبات مزاعمه لتأيد طلبه القضائي و في المقابل فإن المدعى عليه أو المختِصم و المختصم له أن ينفي مزاعم المدعي وإذا انقلب عبء الإثبات فإنه يصب مدعي و منه مطالب بإثبات ما يدعه ، وعملية تبادل المستندات والوثائق تتم وفق المراحل التالية :
1- إيداع المستندات بأمانة ضبط الجهة القضائية :
لقد نصت المادة 21 من القانون رقم 08 / 09على هذه المرحلة بقولها : ” يجب إيداع الأوراق و السندات والوثائق التي يستند إليها الخصوم ، دعما لإدعاءاتهم بأمانة ضبط الجهة القضائية ، بأصولها أو نسخ رسمية منها أو نسخ مطابقة للأصل ..”
إن هذا الإجراء يعتبر جد مهم ، كون في كثير من الأحيان ترفع الدعوى و تقيد في الجدول ، وتحدد لها أول جلسة و تؤجل القضية مرة و اثنان لا لشيء إلا من أجل إحضار الوثائق من قبل رافع الدعوى ، وهذا ما يجعل وتيرة الفصل في النزاع جد طويلة يتحملها المدعى عليه و يتضرر منها وقد تصل لغاية شهر و أسبوع ، إذا منح القاضي للمدعي أجلين في كل أجل أسبوعين لذا فإنه بمجرد دخول القانون رقم 08 / 09 حيز التنفيذ في 2009/04/24 ، فإن على المدعي أو ممثله القانوني إلزاما – لأن المشرع استعمل مصطلح ” يجب ” – أن يقوم بإيداع ملف الدعوى و مستندات مع العريضة الافتتاحية ، و بالتالي فإن أول جلسة تكون لتسليم نسخة من المستندات للخصم إذا لم يلتمسها من أمين الضبط المكلف بالقسم ، وهذا الإجراء يقلص من فترة الفصل في نزاع معين بشكل جدي لاسيما أن هذا السبب ليس جدي ، فمن يريد رفع دعوى قضائية عليه أن يحضر وثائقه ومستنداته قبل ذلك .
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري سمح للخصوم بتقديم :
– أصول المستندات : النسخة الأصلية و التي تتضمن توقيع و ختم الجهة المصدرة أو الأطراف .
– أو نسخة رسمية منها : النسخة الرسمية : هي النسخة التي تقابل النسخة الأصلية غير و صادرة من نفس الجهة ، كمن يلتمس من الموثق تقديم له نسخة رسيمة عن العقد فيقدم له نسخة تحمل ختمه من جديد .
– أو نسخ مطابقة لأصل : و بالتالي انتهى العمل بتقديم نسخ لا تحمل مصادقة الموظف العمومي ، إلا في حالات يقدرها القاضي وفقا لنص المادة 21 بنصها ” غير أنه يجوز للقاضي قبول نسخ عادية منها عند الاقتضاء ” .
ملاحظة هامة :
يجب التنبه لمقتضيات المادة 08 من القانون رقم 08 /09 والتي تنص : ” يجب أن تتم الإجراءات و العقود القضائية من عرائض و مذكرات باللغة العربية تحت طائلة عدم القبول……يجب أن تقدم الوثائق و المستندات باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة ، تحت طائلة عدم القبول ” بالرجوع إلى نص المادة 13 و المادة 67 ، فلا نجد هذا الشرط ضمن شروط الدعوى ولكن هو من قبيل الدفوع بعدم القبول التي أشار إليها المشرع ضمن المادة 68 من قانون رقم 08 /09 بنصه ” يمكن للخصوم تقديم الدفع بعدم القبول في أية مرحلة كانت عليها الدعوى ولو بعد تقديم دفوع في
الموضوع ” ، فضلا أن للقاضي سلطة إبداء الدفع بعدم القبول من تلقاء نفسه إذا كان من النظام العام وفقا لنص المادة 69 .
2- جرد المستندات و تأشير عليها :
تنص المادة 22 من القانون رقم 08 / 09 على ما يلي : ” يقدم الخصوم المستندات … إلى أمين الضبط ، لجردها و التأشير عليها ، قبل إيداعها بملف القضية ، تحت طائلة الرفض ”
يتلو أمين الضبط بعد أن يتقدم الخصم بقيد عريضته بإيداع المستندات كما سبق الإشارة له في الفقرة السابقة ، ومن الناحية العملية فإن المحامي يقوم بهذا العمل أي الجرد ، وبالتالي فإن أمين الضبط يقوم بالتحقق من عدد المستندات و طبيعتها و من ترقيمها و يؤشر بعد ذلك عليها أي على الحافظة التي تضمنت هذه المستندات و الحافظة المتضمنة نسخ منها ، لكن القيام بذلك لا يترك أثر في الملف لذا ، فإن على أمين الضبط القيام بجرد الوثائق المقدمة على حافظة ملف القضية الحافظة التي تتضمن ملفات والمستندات الأطراف بالكامل و ليس الجرد المقدم من قبل المحامي ضمن حافظة المستندات الخاصة بخصم واحد .
و الجرد لا يقتضي ترقيم الوثائق فقط بل يصفها ، فإن كان لدينا مثلا ثلاثة ( 03 ) عقود ملكية على أمين الضبط أولا ترقيمها ، ثم تحديد مراجع العقد و الذي يكون بواسطة مراجع الشهر ، و هي رقم الحجم و رقم العقد و تاريخ الشهر ، وأهم من ذلك أن يذكر هل العقد كامل أم لا أم ناقص و هو أمر يتوقف على شكل السند و المهارات التي يتمتع بها أمين الضبط في هذا المجال ، لأنه في كثير من الحالات تودع نسخ من العقود غير كاملة أو بها أوراق مختلطة لعقود أخر أو ناقصة لاسيما عند نسخها .
بعد الجرد على أمين الضبط التأشير على كل مستند ، و تأشير هو وضع إمضاء أمين الضبط أو ختم المحكمة بما يفيد أن السند فعلا وضع بملف القضية و هو السند المعني بالتبليغ للخصم أخر و ليس سند أخر لم يستوفي إجراءات الإيداع .
و بهذه الكيفية يمكن أمين الضبط و القاضي متابعة احترام المبدأ الوجاهية ، من خلال تبليغ هذه الوثائق للخصم .
لكم المشرع الجزائري قرر جزاء مهم في حالة عدم إيداع الأطراف للوثائق أمام أمين الضبط بنص في المادة 22 على أن هذا الإيداع يكون تحت طائلة الرفض ، ولم يحدد المشرع الجزائري ماذا يقصد بالرفض ولكن المصطلح يفيد أن رفض الدعوى في الموضوع لأن المدعي لم يقدم المستندات التي يعزز بها طلبه و يؤيده ، وهو نفسه الذي يقابله باللغة الفرنسية “sous peine de rejet ” وهو الجزاء صارم يبين مدى إهتمام المشرع بهذه المرحلة من الخصومة القضائية .
3- تسليم وصل استلام :
بعد أن يقوم أمين الضبط من التحقق من المستندات المودعة و بعد التأشير عليها وتحقق من عدد النسخ، يقوم بتسليم المودع سواء المدعي أو المدعى عليه أو المتدخل أو المدخل في الخصام، وصل استلام ، ولم يحدد المشرع الجزائري شكل هذا الوصل، ولكن يمكن أن يتصور أن يكون يشابه وصل إيداع العريضة الافتتاحية أو وصل يعد مستقبلا خصيا لذلك، لأن الوصل يفيد تلقي الرسمي وإيداع الرسمي للمستندات القضية في ملفها ويساعد أمين الضبط على إثبات هذا الإيداع من خلال النسخة التي تبقى من دفتر الوصلات ، ويمكن في انتظار صدور ما يوضح هذه الطريق ، أن يقوم أمين الضبط عدة كثرة المستندات أن يحرر الجرد في ورقتين مع تاريخ و أسم الجهة القضائية المستلمة للمستندات ، و يسلم واحدة للخصوم و الثانية تحفظ في مجلد ترتب حسب التاريخ والقضية .
4- تبادل الخصوم للمستندات :
وفقا لنص المادة 23 من القانون رقم 08 /09 فإنه يمكن للخصوم تبادل المستندات سواء أثناء الجلسة وهي الطريقة المعمول بها سابقا ولا تطرح أية إشكال ، أو خارجها بواسطة أمين الضبط ، وهي الطريقة الجديدة التي أعتمدها المشرع الجزائري لأسباب تتعلق أساس بتقليص مدة الفصل في النزاع ، وهي فعلا طريقة تسمح بنوع من المرونة للخصوم و تمكنهم من تحضري أحسن لدفاعهم ، مادام أن لهم الحق في تبادل المستندات في كل ساعات العمل ، وعدم التقيد بتاريخ و أوقات الجلسة المحددة للفرع .
ولتفادي بعض الصعوبات في تطبيق هذه الطريقة الجديدة ، أشار المشرع في نص المادة 23 من نفس القانون ، أن للقاضي بناء على طلب أحد الخصوم أن يأمر شفهيا بإبلاغ كل وثيقة عرضت عليه و ثبت عدم إبلاغها للخصم الأخر ، يحدد أجل و كيفية ذلك الإبلاغ .
فأشارت المادة أنه يجب أن يثبت أنه لم تبلغ للخصم ، ولا يمكن ذلك إلا من خلال التأشير سواء الذي يقوم به آمين الضبط أو الذي يقوم به القاضي ، فعمليا على أمين الضبط مثلا أن يؤشر في حافظة ملف المدعي بعبارة : ” سلم إلى المدعى عليه السيد/ اسم و لقب و رقم بطاقة التعريف و تاريخ صدورها أو اسم و لقب المحامي فقط بتاريخ /……… ” ، ونفس الشيء يقوم به في حافظة ملف الأصل للمدعى عليه، وبالتالي إذا تقدم أحد الخصوم للقاضي و أشار أنه لم يطلع على وثيقة معينة أو أن يقوم بذلك القاضي من تلقاء نفسه وهو ما أتأكد منه دائما حتى يتحقق الوجاهية بين الأطراف ويتمكن كل واحد منهم من إبداء دفوعه بشأن وثيقة معينة لاسيما المنتجة في الدعوى .
كما للقاضي أن يحدد أجلا للخصم كي يقوم بتبليغ الوثيقة التي لم تبلغ له ، وهنا المشرع لم يحدد كيفية التبليغ ، ويمكن أن يتصور ذلك سواء عن طرق محضر قضائي أو الأفضل أن يكلف الخصم أو ممثله لتسلم له نسخة من الوثيقة أمام أمين ضبط القسم المودع بها القضية .
إن المشرع الجزائري في الفقرة الثالثة ( 03 ) من نص المادة 23 رتب أثر جد مهم عن عدم التبليغ و هو قيام القاضي باستبعاد من المناقشة كل وثيقة لم يتم إبلاغها خلال الآجال و بالكيفيات التي حددها ، كل ذلك احتراما لمبدأ المساواة و الوجاهية ، لكي تكون لإحكام القضائية فيما بين الخصوم حجية لم يمكن إثبات خلافها .
وقد أشار المشرع في المادة 24 من ذات القانون على أن القاضي يسهر على حسن سير الخصومة ، و يمنح الآجال و يتخذ ما يراه من إجراءات ، وهي مادة تمنح صلاحيات مهم للقاضي الذي يضع في اعتباره هدف واحد وهو ضمان فرص متكافئة للخصوم لعرض طلباتهم ووسائل دفاعهم ، وكذا احترام مبدأ الوجاهية ، وتقليص مدة الفصل في النزاع .
بعض الحالات الخاصة التي أشار لها المشرع :
– المادة 137 ، في حالة إجراء خبرة فإنه يمكن للقاضي أن يأمر الخصوم تحت طائلة الغرامة التهديدية بتقديم المستندات .
– المادة 184 من صلاحية المحكمة أن تأمر برد المستندات المقدمة في القضية .
– المادة 185 و التي تشير أنه لا تسلم نسخة رسمية من المستندات المودعة بأمانة ضبط المطعون فيها بالتزوير ، إلا بموجب أمر على عريضة .
– المادة 306 في إطار أمر الأداء على الطالب أن يرفق طلبه بجميع المستندات المثبتة للدين .
5- إرجاع الوثائق :
وفي الخير أشارت المادة 30 و 31 عن كيفية استرجاع الوثائق المودعة ، وقد نصت المادة 30 : ” يجوز للقاضي أن يأمر بإرجاع المستندات المبلغة للخصوم تحت طائلة غرامة تهديدية عند الاقتضاء “ ، وهي حالة جوازية لاسيما إذا كانت الوثائق ذات أهمية بالغة ولا يمكن استخراج نسخ منها وإن كانت حالات شاذة للغاية ، ففي هذه الحالة يمكن للقاضي أن يأمر الخصم الذي لم يرجع المستندات بإعادتها وإرجاعها لدى أمانة ضبط المحكمة ليسترجعها الخصم المعني كل ذلك تحت غرامة تهديدية .
أما عن من يتسلم هذه الوثائق فإن المادة 31 نصت على أن الخصوم ودون سواهم هم الذين يسترجعون الوثائق و المستندات أو الغير بموجب وكالة خاصة و ذلك عند انتهاء الخصومة ، وهنا يقوم أمين الضبط بتسليم الوثائق و المستندات للخصم المعني بموجب وصل يحرره أمين ضبط القسم يتضمن هوية الخصم و جرد للوثائق ، وفي حالة وجود نزاع فإن رئيس المحكمة هو المختصة بالفصل في أي نزاع يشوب عملية إرجاع الوثائق.
في ختام هذه المداخلة ، يمكن القول أن فانون الإجراءات المدنية و الإدارية هو نص جاء بعديد من الحول التي كانت تطرح سابق و أوضح كيفيات رفع الدعوى و شروطها وحدد جملة من الشكليات فصلا في كل التأويلات التي كانت سابقا و تبسيط و شرحا لكل الإجراءات، و عليه يمكن القول كخلاصة للموضوع أنه يجب أن تتوافر جملة من الشروط في الدعوى بالإضافة إلى احترام شروط العمل الإجرائي بصفة عامة ، و يمكن تلخيص تلك الشروط و الشكليات فيما يلي ، على المدعي و المدعى عليه :
-أن يقدما مذكرات و مستندات محررة بالغلة العربية و مرفقة بترجمة .
– أن يكونا أصحاب صفة.
-أن يكون المدعي صاحب مصلحة أو له مصلحة محتملة يعترف بها القانون .
-أن يكونا ذوي أهلية كشرط لصحة العمل الإجرائي .
-أن يرفع المدعي الدعوى أو الطعن(الخصوم) في الأجل الذي حدده القانون سواء الإجرائي أو الموضوعي حسب الحال و كلاهما ، فلا يكون الأجل سقط ولا يكون الحق تقادم.
-عليه أن يودع المستندات لدى أمانة الضبط تحت طائلة عدم القبول .
أشكركما على الحضور حسن الإصغاء .
و المناقشة مفتوحة .
القاضي العقاري :
حميدي محمد أمين .